قال أبو محمّد بن شاذان جعل الله الفردوس مثواه وحشره مع مَنْ تولاه: حدّثنا محمّد بن أبي عمير وأحمد بن محمّد بن أبي نصر رضي الله عنهما جميعاً عن أبان بن عثمان الأحمر، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة عن ابن عباس، قال:
قدم يهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقال له نعثل، فقال: يا محمّد إني أسألك عن أشياء تتلجلج في صدري منذ حين، فإن أجبتني عنها أسلمت على يديك.
قال صلى الله عليه وآله وسلم: سل يا أبا عمارة.
قال: يا محمّد صف لي ربك.
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، كيف يوصف الخالق الواحد الذي تعجز الحواس أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطرات أن تحده، والبصائر أن تحيط قدرته؟! أجلّ عمّا يصفه الواصفون؛ نأى في قربه، وقَرُبَ في نأيه، كيَّف الكيف فلا يقال كيف، أيَِّن الأين فلا يقال أين. تنقطع الأفكار عن معرفته. وليُعلم أن الكيفية منه والأينونية، وهو الأحد الصمد كما وصف نفسه، والواصفون لا يبلغون نعته، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
قال: صدقت يا محمّد، فأخبرني عن قولك (إنه واحد لا شبه له) أليس الله واحداً والإنسان واحد؟ ووحدانيته قد أشبهت وحدانية الإنسان؟
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: الله واحد وأحديُّ المعنى، والإنسان واحد ثنوي؛ جسم عرض (وبدن) وروح، وإنما التشبيه في المعاني لا غير.
قال: صدقت يا محمّد، فأخبرني عن وصيك، من هو؟ فما من نبي إلا وله وصي، إن نبينا موسى بن عمران أوصى إلى يوشع بن نون.
فقال: نعم، إن وصييِّ والخليفة من بعدي عليّ بن أبي طالب، وبعده سبطاي الحسن والحسين، يتلوه تسعة من صلب الحسين، أئمّة أبرار.
قال: فسمهم لي يا محمّد!
قال: نعم، إذا مضى الحسين فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ فابنه محمّد، فإذا مضى محمّد فابنه جعفر، فإذا مضى جعفر فابنه موسى، فإذا مضى موسى فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ فابنه محمّد، فإذا مضى محمّد فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ فابنه الحسن، وبعد الحسن الحجة بن الحسن عليّ، فهذه إثنا عشر إماماً على عدد نقباء بني إسرائيل.
قال: فأين مكانهم في الجنَّة؟
قال: معي وفي درجتي.
قال: أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله وأنهم الأوصياء بعدك، ولقد وجدت هذا في الكتب المتقدمة، فأخبرني يا رسول الله عن الثاني عشر من أوصيائك.
قال صلى الله عليه وآله وسلم: يغيب حتى لا يرى، ويأتي على أمتي زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ومن القرآن إلا رسمه، فحينئذ يأذن الله له بالخروج.
فانتفض نعثل، وقام من بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويقول: صلوات الله عليك يا سيد المرسلين وعلى أوصيائك الطاهرين، والحمد لله رب العالمين.
وفي بعض الروايات زيادة في أواخر هذا الحديث مع شعر أنشده نعثل في مدح خير البشر والأئمّة الإثني عشر عليهم صلوات الله الملك الأكبر؛ وإذا كان في الأجل تأخير فسوف اكتب في شرح هذا الحديث كتابا مستقلاً إن شاء الله تعالى.
والسلام على من اتبع الهدى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق