قال الإمام الصادق عليه السلام:

اذا قام القائم عليه السلام لاتبقى أرض الا نودي فيها بشهادة ان لا إله الا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

الخميس، 5 يناير 2012

كيف تأتّى للمهدي ( عليه السلام ) هذا العمر الطويل؟

هل بالإمكان أن يعيش الإنسان قروناً كثيرة كما هو المفترض في هذا القائد المنتظر لتغيير العالم، الذي يبلغ عمره الشريف فعلاً أكثر من ألف ومئة وأربعين سنة، أي حوالي(14) مرة بقدر عمر الإنسان الاعتيادي الذي يمرّ بكل المراحل الاعتيادية من الطفولة إلى الشيخوخة؟
كلمة الإمكان هنا تعني أحد ثلاثة معان: الإمكان العملي، والإمكان العلمي، والإمكان المنطقي أو الفلسفي.
وأقصد بالإمكان العملي: أن يكون الشيء ممكناً على نحو يتاح لي أو لك، أو لإنسان آخر فعلاً أن يحقّقه، فالسفر عبر المحيط، والوصول إلى قاع البحر، والصعود إلى القمر، أشياء أصبح لها إمكان عملي فعلاً. فهناك من يمارس هذه الأشياء فعلاً بشكل وآخر. 
وأقصد بالإمكان العلمي: أنّ هناك أشياء قد لا يكون بالإمكان عملياً لي أو لك، أن نمارسها فعلاً بوسائل المدينة المعاصرة، ولكن لا يوجد لدى العلم ولا تشير اتّجاهاته المتحركة إلى ما يبرّر رفض إمكان هذه الأشياء ووقوعها وفقاً لظروف ووسائل خاصة، فصعود الإنسان إلى كوكب الزهرة لا يوجد في العلم ما يرفض وقوعه، بل إنّ اتّجاهاته القائمة فعلاً تشير إلى إمكان ذلك، وإن لم يكن الصعود فعلاً ميسوراً لي أو لك; لأنّ الفارق بين الصعود إلى الزهرة والصعود إلى القمر ليس إلاّ فارق درجة، ولا يمثل الصعود إلى الزهرة إلاّ مرحلة تذليل الصعاب الإضافية التي تنشأ من كون المسافة أبعد، فالصعود إلى الزهرة ممكن علمياً وإن لم يكن ممكناً عملياً فعل. وعلى العكس من ذلك الصعود إلى قرص الشمس في كبد السماء فإنّه غير ممكن علمياً، بمعنى أنّ العلم لا أمل له في وقوع ذلك، إذ لا يتصوّر علمياً وتجريبياً إمكانية صنع ذلك الدرع الواقي من الاحتراق بحرارة الشمس، التي تمثّل أتّوناً هائلاً مستعراً بأعلى درجة تخطر على بال إنسان.
وأقصد بالإمكان المنطقي أو الفلسفي: أن لا يوجد لدى العقل وفق ما يدركه من قوانين قبليّة - أي سابقة على التجربة - ما يبرّر رفض الشيء والحكم باستحالته.
فوجود ثلاث برتقالات تنقسم بالتساوي وبدون كسر إلى نصفين ليس له إمكان منطقي; لأنّ العقل يدرك - قبل أن يمارس أي تجربة - أنّ الثلاثة عدد فردي وليس زوجاً، فلا يمكن أن تنقسم بالتساوي; لأنّ انقسامها بالتساوي يعني كونها زوجاً، فتكون فرداً وزوجاً في وقت واحد، وهذا تناقض، والتناقض مستحيل منطقياً. ولكن دخول الإنسان في النار دون أن يحترق، وصعوده للشمس دون أن تحرقه الشمس بحرارتها ليس مستحيلاً من الناحية المنطقية، إذ لا تناقض في افتراض أنّ الحرارة لا تتسرّب من الجسم الأكثر حرارة إلى الجسم الأقل حرارة، وإنّما هو مخالف للتجربة التي أثبتت تسرب الحرارة من الجسم الأكثر حرارة إلى الجسم الأقل حرارة إلى أن يتساوى الجسمان في الحرارة.
وهكذا نعرف أنّ الإمكان المنطقي أوسع دائرة من الإمكان العلمي، وهذا أوسع دائرة من الإمكان العملي.
ولا شكّ في أنّ امتداد عمر الإنسان آلاف السنين ممكن منطقياً; لأنّ ذلك ليس مستحيلاً من وجهة نظر عقلية تجريدية، ولا يوجد في افتراض من هذا القبيل أي تناقض; لأنّ الحياة كمفهوم لا تستبطن الموت السريع، ولا نقاش في ذلك.
كما لا شكّ أيضاً ولا نقاش في أنّ هذا العمر الطويل ليس ممكناً إمكاناً عملياً، على نحو الإمكانات العملية للنزول إلى قاع البحر أو الصعود إلى القمر، ذلك لأنّ العلم بوسائله وأدواته الحاضرة فعلاً، والمتاحة من خلال التجربة البشرية المعاصرة، لا يستطيع أن يُمدّد عمر الإنسان مئات السنين، ولهذا نجد أنّ أكثر الناس حرصاً على الحياة وقدرة على تسخير إمكانات العلم، لا يتاح لهم من العمر إلاّ بقدر ما هو مألوف.
وأما الإمكان العلمي فلا يوجد علمياً اليوم ما يبرّر رفض ذلك من الناحية النظرية.
وهذا بحث يتصل في الحقيقة بنوعية التفسير الفسلجي لظاهرة الشيخوخة والهرم لدى الإنسان، فهل تعبّر هذه الظاهرة عن قانون طبيعي يفرض على أنسجة جسم الإنسان وخلاياه - بعد أن تبلغ قمّة نموّها - أن تتصلّب بالتدريج وتصبح أقل كفاءة للاستمرار في العمل، إلى أن تتعطّل في لحظة معيّنة، حتى لو عزلناها عن تأثير أي عامل خارجي؟ أو أنّ هذا التصلب وهذا التناقض في كفاءة الأنسجة والخلايا الجسمية للقيام بأدوارها الفسيولوجية، نتيجة صراع مع عوامل خارجية كالميكروبات أو التسمّم الذي يتسرّب إلى الجسم من خلال ما يتناوله من غذاء مكثّف؟ أو ما يقوم به من عمل مكثّف أو أي عامل آخر؟
وهذا سؤال يطرحه العلم اليوم على نفسه، وهو جادّ في الإجابة عنه، ولا يزال للسؤال أكثر من جواب على الصعيد العلمي.
فإذا أخذنا بوجهة النظر العلمية التي تتّجه إلى تفسير الشيخوخة والضعف الهرمي، بوصفه نتيجة صراع واحتكاك مع مؤثرات خارجية معيّنة، فهذا يعني أنّ بالإمكان نظريّاً، إذا عزلت الأنسجة التي يتكوّن منها جسم الإنسان عن تلك المؤثّرات المعيّنة، أن تمتدّ بها الحياة وتتجاوز ظاهرة الشيخوخة وتتغلّب عليها نهائياً.
وإذا أخذنا بوجهة النظر الأخرى، التي تميل إلى افتراض الشيخوخة قانوناً طبيعيّاً للخلايا والأنسجة الحيّة نفسها، بمعنى أنها تحمل في أحشائها بذرة فنائها المحتوم، مروراً بمرحلة الهرم والشيخوخة وانتهاءً بالموت.
أقول:
إذا أخذنا بوجهة النظر هذه، فليس معنى هذا عدم افتراض أي مرونة في هذا القانون الطبيعي، بل هو - على افتراض وجوده - قانون مرن; لأننا نجد في حياتنا الاعتيادية; ولأنّ العلماء يشاهدون في مختبراتهم العلمية، أنّ الشيخوخة كظاهرة فسيولوجية لا زمنيّة، قد تأتي مبكّرة، وقد تتأخر ولا تظهر إلاّ في فترة متأخرة، حتى أنّ الرجل قد يكون طاعناً في السن ولكنه يملك أعضاء ليّنة، ولا تبدو عليه أعراض الشيخوخة كما نصّ على ذلك الأطباء. 
بل إنّ العلماء استطاعوا عمليّاً أن يستفيدوا من مرونة ذلك القانون الطبيعي المفترض، فأطالوا عمر بعض الحيوانات مئات المرّات بالنسبة إلى أعمارها الطبيعية; وذلك بخلق ظروف وعوامل تؤجل فاعلية قانون الشيخوخة.
وبهذا يثبت علمياً أنّ تأجيل هذا القانون بخلق ظروف وعوامل معيّنة أمر ممكن علمياً، ولئن لم يتح للعلم أن يمارس فعلاً هذا التأجيل بالنسبة إلى كائن معقّد معيّن كالإنسان، فليس ذلك إلاّ لفارق درجة بين صعوبة هذه الممارسة بالنسبة إلى الإنسان وصعوبتها بالنسبة إلى أحياء أخرى. وهذا يعني أنّ العلم من الناحية النظرية وبقدر ما تشير إليه اتجّاهاته المتحرّكة لا يوجد فيه أبداً ما يرفض إمكانية إطالة عمر الإنسان، سواء فسّرنا الشيخوخة بوصفها نتاج صراع واحتكاك مع مؤثّرات خارجية، أو نتاج قانون طبيعي للخليّة الحيّة نفسها يسير بها نحو الفناء.
ويتلخّص من ذلك: أنّ طول عمر الإنسان وبقاءه قروناً متعدّدة أمر ممكن منطقياً وممكن علمياً، ولكنه لا يزال غير ممكن عملياً، إلاّ أنّ اتّجاه العلم سائر في طريق تحقيق هذا الإمكان عبر طريق طويل.
وعلى هذا الضوء نتناول عمر المهديّ عليه الصلاة والسلام وما أحيط به من استفهام أو استغراب، ونلاحظ:
إنه بعد أن ثبت إمكان هذا العمر الطويل منطقياً وعلمياً، وثبت أنّ العلم سائر في طريق تحويل الإمكان النظري إلى إمكان عملي تدريجاً، لا يبقى للاستغراب محتوىً إلاّ استبعاد أن يسبق المهديّ العلم نفسه، فيتحوّل الإمكان النظري إلى إمكان عملي في شخصه، قبل أن يصل العلم في تطوّره إلى مستوى القدرة الفعلية على هذا التحويل، فهو نظير من يسبق العلم في اكتشاف دواء ذات السحايا أو دواء السرطان.
وإذا كانت المسألة هي أنه كيف سبق الإسلام - الذي صمّم عمر هذا القائد المنتظر - حركة العلم في مجال هذا التحويل؟
فالجواب: إنه ليس ذلك هو المجال الوحيد الذي سبق فيه الإسلام حركة العلم.
أو َليست الشريعة الإسلامية ككلّ قد سبقت حركة العلم والتطوّر الطبيعي للفكر الإنساني قروناً عديدة؟
أولم تنادِ بشعارات طرحت خططاً للتطبيق لم ينضج الإنسان للتوصل إليها في حركته المستقلة إلاّ بعد مئات السنين؟
أولم تأتِ بتشريعات في غاية الحكمة، لم يستطع الإنسان أن يدرك أسرارها ووجه الحكمة فيها إلاّ قبل برهة وجيزة من الزمن؟
أولم تكشف رسالة السماء أسراراً من الكون لم تكن تخطر على بال إنسان، ثمّ جاء العلم ليثبّتها ويدعمها؟
فإذا كنا نؤمن بهذا كله، فلماذا نستكثر على مرسل هذه الرسالة - سبحانه وتعالى - أن يسبق العلم في تصميم عمر المهديّ؟  وأنا هنا لم أتكلم إلاّ عن مظاهر السبق التي نستطيع أن نحسّها نحن بصورة مباشرة، ويمكن أن نضيف إلى ذلك مظاهر السبق التي تحدّثنا بها رسالة السماء نفسها.
ومثال ذلك أنها تخبرنا بأنّ النبيّ صلى الله عليه وآله قد أسري به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وهذا الإسراء إذا أردنا أن نفهمه في إطار القوانين الطبيعيّة، فهو يعبّر عن الاستفادة من القوانين الطبيعية بشكل لم يُتح العلم أن يحقّقه إلاّ بعد مئات السنين، فنفس الخبرة الربانية أتاحت للرسول صلى الله عليه وآله التحرك السريع قبل أن يتاح للعلم تحقيق ذلك، أتاحت لآخر خلفائه المنصوصين العمر المديد، قبل أن يتاح للعلم تحقيق ذلك.
نعم، هذا العمر المديد الذي منحه الله تعالى للمنقذ المنتظر يبدو غريباً في حدود المألوف حتى اليوم في حياة الناس، وفي ما أنجز فعلاً من تجارب العلماء.
ولكن!
أوَليس الدور التغييري الحاسم الذي أعدّ له هذا المنقذ غريباً في حدود المألوف في حياة الناس، وما مرّت بهم من تطورات التاريخ؟
أوَليس قد أنيط به تغيير العالم، وإعادة بنائه الحضاري من جديد على أساس الحق والعدل؟
فلماذا نستغرب إذا اتّسم التحضير لهذا الدور الكبير ببعض الظواهر الغريبة والخارجة عن المألوف، كطول عمر المنقذ المنتظر؟ فإنّ غرابة هذه الظواهر وخروجها عن المألوف مهما كان شديداً، لا يفوق بحال غرابة نفس الدور العظيم الذي يجب على اليوم الموعود إنجازه. فإذا كنا نستسيغ ذلك الدور الفريد تاريخياً على الرغم من أنه لا يوجد دور مناظر له في تاريخ الإنسان، فلماذا لا نستسيغ ذلك العمر المديد الذي لا نجد عمراً مناظراً له في حياتنا المألوفة؟
ولا أدري!
هل هي صدفة أن يقوم شخصان فقط بتفريغ الحضارة الإنسانية من محتواها الفاسد وبنائها من جديد، فيكون لكلّ منها عمر مديد يزيد على أعمارنا الاعتيادية أضعافاً مضاعفة؟
أحدهما مارس دور في ماضي البشرية وهو النبيّ نوح، الذي نصّ القرآن الكريم على أنه مكث في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاماً، وقدّر له من خلال الطوفان أن يبني العالم من جديد.
والآخر يمارس دوره في مستقبل البشرية وهو المهديّ الذي مكث في قومه حتى الآن أكثر من ألف عام، وسيقدّر له في اليوم الموعود أن يبني العالم من جديد.
فلماذا نقبل نوح الذي ناهز ألف عام على أقل تقدير ولا نقبل المهديّ؟

توقيت ظهور القائم عليه السلام

قد دلّت عدة من الروايات بالنهي عن التوقيت، أو تعيين وقت محدد لظهور الإمام المهدي عليه السلام، وتكذيب من وَقَّتَ لظهوره عليه السلام وقتاً معيناً، لأن ذلك سر من أسرار الله.. عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد اله عليه السلام: (يا محمد من أخبرك عنا توقيتاً فلا تهابه أن تكذبه، فإنا لا نوقت لأحد وقتاً) .. عن الفضيل قال: سألت أبا جعفر عليه السلام هل لهذا الأمر وقت؟ فقال: (كذب الوقاتون، كذب الوقاتون، كذب الوقاتون).. عن عبد الرحمن بن كثير قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه مهزم فقال له: جعلت فداك أخبرني عن هذا الأمر، الذي ننتظره متى هو؟ فقال: (يا مهزم كذب الوقاتون، وهلك المستعجلون، ونجا المسلمون، وإلينا يصيرون) .
فمضمون أخبار كثيرة تدل على أن ظهور الإمام الحجة ابن الحسن عليه السلام أمر مخفي، قد أخفاه الله تعالى عن الناس لحكمته.. إن وقت الظهور، وإن كان محدداً في علم الله الأزلي، ولكنه بالنسبة إلى علله وشرائطه ينبغي أن لا يفترض له وقت محدد.
إن توقيت الظهور باعتبار علاماته، وخصوصاً ما صرحت الأخبار بقرب حصولها من زمن الظهور وما تتضمن هذه العلامات من توقيت، مثل خروج السفياني في رجب، والصيحة في رمضان، والخسوف والكسوف في رمضان، وقتل ذي النفس الزكية قبل خمسة عشر يوماً من الظهور، فإن هذا يؤكد بأن العلامات لو وقعت لدلت على قرب الظهور، وهذه قضيه صادقة لا تشتمل على التوقيت المنهي عنه على الإطلاق، وإنما هو توقيت إجمالي، فإن عدم الإطلاع على زمان وقوع هذه العلامات، يلزم بطبيعة الحال الجهل بزمن ظهوره عليه السلام وعدم تحديد وقته.. ولذا فان الأحاديث والأخبار التي ذكرناها في الفصل الثالث، ليس فيها تصريح بوقت أو تعيين زمان محدد للظهور، بل إنما هي علائم للظهور، كما أوضحت عن أئمتنا عليهم السلام، وهي تفيد التلميح واشارات لقرب الظهور، والعلم عند الله سبحانه وتعالى (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) .
إن الحكمة الإلهية شاءت أن يكون وقت ظهور الإمام المهدي عليه السلام فجائياً من أجل إنجاح يوم الفجر المقدس، باعتبار أن تاريخ الظهور لو كان محدداً معروفاً، لكان من أشد العوامل على فشل الثورة العالمية وفناء الدوله العادلة، فإنه يكفي أن يحتمل الأعداء ظهوره في ذلك التاريخ، فيجتمعوا للقضاء عليه، في أول أمره وقبل نجاح ثورته واتساع حركته.. بالإضافة إلى ذلك فإن المؤمنين المخلصين سوف يصابون بإحباط وخيبة أمل، عندما يعرفون وقت ظهوره عليه السلام ويكون بعيد جداً عن عصرهم ما سيؤدي إلى الكسل والخمول وعدم توفر الدافعية للإخلاص أكثر وأكثر، وتلاشي الطموح بأن يصبحوا من أنصاره وأعوانه، وكذلك عدم الدعاء له بتعجيل الفرج. (اللهم عجل فرجه، وسهل مخرجه)

الصيحة السماوية: (من المحتوم)

هذه العلامة إحدى المحتومات الخمسة.. والصيحة عبارة عن صوت ونداء، يسمع من السماء في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان وهي ليلة القدر يسمعه أهل الأرض، كل قوم بلغتهم، فيذهلون له، توقظ النائم وتقعد القائم، وتوقف القاعد وتخرج الفتاة من خدرها لشدة مالها من الهيبة، والمنادي بهذا النداء جبرائيل عليه السلام (قرب الصبح) بلسان فصيح: ألا إن الحق مع  المهدي عليه السلام وشيعته. ثم ينادي إبليس اللعين بعد ذلك وسط النهار (قرب المغرب) بين الأرض والسماء ليسمعه جميع الناس: ألا إن الحق مع عثمان وشيعته (السفياني: عثمان بن عنبسة).
عن أبي حمزة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: (خروج السفياني من المحتوم؟ قال: نعم، والنداء من المحتوم.. قلت له: وكيف يكون النداء؟ فقال: ينادي مناد من السماء أول النهار ألا إن الحق مع آل علي وشيعته، ثم ينادي إبليس في آخر النهار ألا إن الحق مع عثمان وشيعته، فعند ذلك يرتاب المبطلون) .
فالمبرر لحدوث هذه الصيحة السماوية هو:
أ – التنبيه على قرب الظهور.
ب- إيجاد الإستعداد النفسي لدى المؤمنين المخلصين.
خاصة وان توقيت حدوث هذه العلامة، في أفضل ليالي السنة، وفي أفضل الشهور، والتوجه الديني في هذا الوقت يبلغ ذروته لدى المسلمين.. وستكون ردة الفعل وأهميته متلائمة مع مضمونه، كونه يشير إلى القائد (المهدي عليه السلام) الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس، ويشرأبون حبه، ولا يكون لهم ذكر غيره.
عن أبي بصير عن أبي جعفر الباقر عليه السلام إنه قال: (الصيحة لا تكون إلا في شهر رمضان، لأن شهر رمضان شهرُ الله وهي صيحة جبرائيل إلى هذا الخلق، ثم قال ينادي مناد من السماء بإسم القائم، فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب، لا يبقى راقد إلا استيقظ، ولا قائم إلا قعد ولا قاعد إلا قام على رجليه، فزعاً من ذلك الصوت، فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت، فأجاب: فإن الصوت صوت جبرائيل الروح الأمين، وقال عليه السلام الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين، فلا تشكوا في ذلك وأسمعوا وأطيعوا، وفي آخر النهار صوت إبليس اللعين ينادي ألا إن فلاناً قتل مظلوماً ليشكك الناس ويفتنهم، فكم في ذلك اليوم من شاك متحير، قد هوى في النار، فإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان، فلا تشكوا فيه إنه صوت جبرائيل، وعلامة ذلك أنه ينادي باسم القائم واسم أبيه عليهما السلام، حنى تسمعه العذراء في خدرها فتحرض أباها وأخاها على الخروج، وقال لا بدّ من هذين الصوتين قبل خروج القائم، صوت من السماء وهو صوت جبرائيل باسم صاحب هذا الأمر واسم أبيه، والصوت الذي من الأرض هو صوت إبليس اللعين، ينادي باسم فلان أنه قتل مظلوماً يريد بذلك الفتنة، فاتبعوا الصوت الأول وإياكم والأخير إن تفتتنوا به.. ثم قال عليه السلام بعد حديث طويل.. إذا اختلف بنو فلان فيما بينهم، فعند ذلك فانتظروا الفرج، وليس فرجكم إلا في اختلاف بني فلان، فإذا اختلفوا فتوقعوا الصيحة في شهر رمضان وخروج القائم إن الله يفعل ما يشاء) .
عن عبد الله بن سنان قال: (كنت عند أبي عبد الله عليه السلام سمعت رجلاً من همدان يقول له: إن هؤلاء العامة، يعيرونا ويقولون لنا: إنكم تزعمون أن منادياً ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر، وكان متكئاً فغضب وجلس ثم قال: لا ترووه عني وأرووه عن أبي ولا حرج عليكم في ذلك، أشهد أني قد سمعت أبي عليه السلام يقول: والله إن ذلك في كتاب الله عز وجل لبيّن حيث يقول: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ فلا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلا خضع، وذلت رقبته لها، فيؤمن أهل الأرض، إذا سمعوا الصوت من السماء، ألا إن الحق في علي بن أبي طالب عليه السلام وشيعته قال: فإذا كان من الغد صعد إبليس في الهوى حتى يتوارى عن الأرض ثم ينادي، ألا إن الحق في عثمان بن عفان وشيعته، فانه قتل مظلوماً فاطلبوا بدمه، قال: فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت على الحق، وهو النداء الأول ويرتاب يومئذ  الذين في قلوبهم مرض، والمرض والله عداوتنا، فعند ذلك يتبرؤون منا، ويتناولونا فيقولون إن المنادي الأول سحر من سحر أهل هذا البيت، ثم تلا أبو عبد الله عليه السلام قول الله عز وجل: (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ.
عن زرارة بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (ينادي مناد من السماء إن فلانا هو الأمير، وينادي مناد إن علياً وشيعته هم الفائزون، قلت: فمن يقاتل المهدي بعد هذا، فقال: رجل من بني أمية، وإن الشيطان ينادي إن فلاناً وشيعته هم الفائزون، قلت: فمن يعرف الصادق من الكاذب، قال: يعرفه الذين كانوا يروون حديثنا، ويقولون انه يكون قبل أن يكون، ويعلمون أنهم هم المحقون الصادقون) .
وهذا النداء مصداق لقوله تعالى (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُون).
إذاً، هذا النداء والصيحة السماوية (صوت جبرائيل) كحدث كوني كبير غير معهود، فيه عنصر إعجازي، يسبب فزعاً ورعباً في قلوب أعداء الله، ويكون بشارة كبرى للمؤمنين عن قرب الفرج.. وهذا مصداق لقوله تعالى (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) . وقوله تعالى (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) .
ماذا يجب على المؤمنين أن يفعلوا أثناء حدوث الصيحة أو الفزعة؟
إن تعاليم أهل البيت تؤكد الآتي:
فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة المذكور، فادخلوا بيوتكم،
واغلقوا أبوابكم، وسدوا الكوى، ودثروا أنفسكم، وسُدّوا آذانكم - ففي الخبر: إن من آثار هذه الصيحة أن يصعق له سبعون ألفاً، ويصم له سبعون ألفاً، من شدة وقوة هذا الصوت) - فإذا أحسستم بالصيحة فخروا سجداً وقولوا: سبحان ربنا القدوس، فإنه من فعل ذلك نجا، ومن برز لها هلك.
هذا، إلى جانب ما ينبغي من الشكر الواجب لله تعالى على كل من وفقه الله سبحانه وتعالى لبلوغ نعمة إدراك العهد الميمون بظهور القائم المنتظر (عجل الله تعالى فرجه).
تخزين الطعام ما يكفي الفرد وأهله مدة عام:
عن الإمام الباقر عليه السلام: (آية الحوادث في رمضان: علامة في السماء من بعدها اختلاف الناس، فإذا أدركتها فاكثر من الطعام).
عند حدوث الصيحة السماوية يقع بعدها اختلاف الناس وحروب وفتن (وهي إشارة إلى معركة قرقيسيا) ويقع بعده قحط وغلاء في الأطعمة.. فمن التعاليم القيِّمة التي أخبر بها الأئمة عليهم السلام تحفظاً على المسلمين والمؤمنين من شيعتهم لئلا يقعوا في الضيق عند وقوع الحوادث، الإكثار من تخزين الطعام والإستعداد للمؤنة، والمراد منه مقدار سنة بحسب ما يكفي الفرد ومن يعول - سيأتي ذكر الموضوع لا حقا -.. لله در هؤلاء الأئمة العظام عليهم السلام ما أروعهم وما أعظم رأفتهم بشيعتهم ومحبيهم، حقاً إنهم فخر لمن يواليهم ويرتبط بهم.

نداءات الإمام المهدي عليه السلام

تذكر بعض الروايات ان الإمام إذا خرج عليه السلام كان له خمسة نداءات عند البيت الحرام:
ألا يا أهل العالم أنا الإمام القائم.
ألا يا أهل العالم أنا الصمصام المنتقم.
ألا يا أهل العالم إن جدي الحسين قتلوه عطشانا.
ألا يا أهل العالم إن جدي الحسين طرحوه عريانا.
ألا يا أهل العالم إن جدي الحسين سحقوه عدوانا.
(إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).

المرأة في حركة إمام العصر عليه السلام

ننتقل إلى حركة الإمام صاحب العصر والزمان عليه السلام, حيث تتحدث الروايات عن أنصار صاحب العصر والزمان وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر, هنا أين موقع المرأة؟
سنجد في الروايات وأنا اقرأ لكم هذه الرواية عن الإمام الباقر عليه السلام يقول: (ويجيء والله ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا فيهم خمسون امرأة يجتمعون بمكّة على غير ميعاد قَزَعَاً كَقَزَع الخريف). يعني مثل الغمامة والسحب تركض حتى يجتمعون في مكّة المكرمة لاحظوا إذن ههنا خمسون امرأة من العناصر القيادية في حركة الإمام المهدي عليه السلام.
في رواية أخرى أن المستوى العلمي عند ظهوره يرتقي ويصعد حتى تكون المرأة قادرة على ممارسة القضاء الشرعي على كتاب الله يعني تكون هناك نساء مجتهدات قضاة.
عن الإمام الباقر عليه السلام: (وتؤتون الحكمة في زمانه حتّى ان المرأة لتقضي في بيتها بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم).
معنى هذا أن هناك دور للمرأة ترمز له الروايات الشريفة في حركة إمام العصر عليه السلام.
بل أكثر من ذلك نجد الإمام الصادق عليه السلام في رواية أخرى يقول:
(يكون مع القائم ثلاث عشر امرأة يداوينَ الجرحى ويقمن على المريض).

السهلة هي منزل الإمام المهدي عليه السلام

أقرأ لكم رواية جميلة في هذا الشأن عن الإمام الصادق عليه السلام يقول: (كأنّي أرى نزول القائم في مسجد السهلة بأهله وعياله).
قلت: يكون منزله؟
قال: (نعم هو منزل إدريس عليه السلام وما بعث الله نبياً إلاّ وقد صلى فيه).
هذا مسجد السهلة العظيم الذي أهمل من قبل أعداء أهل البيت عليهم السلام كما أهملت كل المساجد والمراقد الشريفة للأئمّة الأطهار في أيام النظام البائد، وتقول الرواية: (المقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما من مؤمنٍ أو مؤمنةٍ إلاّ وقلبه يحن إليه، وما من يوم ولا ليلة إلاّ والملائكة يأوون إلى هذا المسجد، يعبدون الله فيه) حتّى يقول الإمام للراوي يا أبا محمّد: (أما أنّي لو كنت بالقرب منكم ما صليت صلاة إلاّ فيه).

الإمام المهدي عليه السلام في السّنة الشريفة

أمّا السنة الشريفة فالملفت للنظر أَنَّه جاء الإصرار والتأكيد على قضية الإمام المهدي عليه السلام بشكل مثير يجعلنا نتساءل لماذا هذا الإصرار؟
مثلاً الروايات تقول عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
(لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطَوَّل الله ذلك اليوم حتى يظهر واحد من ولدي اسمه اسمي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول هذه القضية لا يمكن أن تتخلف حتى لو أصبحنا على مقربة من يوم القيامة ولم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد.
نصوص عديدة بهذا المستوى أنا أجد من المفيد أن أقرأ لكم هذه النصوص من نفس المصدر حتى تكونوا قريبين من أجواء الأحاديث الشريفة:
1 _ الرواية مثلاً تقول: (لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم...) هذه الرواية نقرؤها في صحاح السنَّة وليس في كتبنا فقط.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج رجلُ من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً).
2 _ رواية ثانية عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً مني يواطيء اسمه اسمي...).
3 _ وهكذا رواية ثالثة في هذا الشأن عن الإمام عليّ عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تذهب الدنيا حتى يقوم بأمر أمتي رجلٌ من ولد الحسين يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً).
4 _ وأخرى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لفاطمة عليها السلام: (والذي نفسي بيده لا بدّ لهذه الأمّة من مهدي وهو من ولدك).
وهذا أمر ملفت للنظر لماذا لا تقوم القيامة ولا تقوم الساعة إلاّ أن يخرج واحد ليحقق الإصلاح حتى ولو بقي يومٌ واحدٌ؟

هدف الإمام المهدي عليه السلام

ما هو الهدف الأصلي لحركة الإمام المهدي عليه السلام؟
هو تجديد الإسلام وإحياء هذه الرسالة الإلهية الخاتمة، حتى يكون الإسلام عالمياً (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)، على كل الأديان والمذاهب والحضارات والسياسيات (وَلَوْ كَرِهَ المشركون).
الروايات تقول إن هذه الآية ما جاء تأويلها بعد وإذا قام قائمنا جاء تأويلها  بمعنى أن إمامنا المنتظر عليه السلام يطبّق حينئذٍ قوله تعالى: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ).
تجديد الإسلام هو خلاصة هدف حركة إمامنا المنتظر عليه السلام وهي نفسها خلاصة الهدف لحركة إمامنا الحسين عليه السلام

المهدي عليه السلام امتداد للحسين عليه السلام:

في هذه المقدمة نريد أن نكتشف مسألةً أخرى وهي أن حركة الإمام المهدي عليه السلام تمثل امتداداً لحركة الحسين عليه السلام وليست شيئاً آخر، أو منهجاً آخر، وإنما هي امتداد لنفس الأهداف، وامتدادٌ لنفس المنهج مع الفرق في الحجم.
ثورةُ الإمام المنتظر عليه السلام ثورة شمولية عالمية وبهذا امتازت عن ثورة الحسين عليه السلام في بعض ما امتازت به.
المهدي عليه السلام يمثل امتداداً للحسين عليه السلام، وحركة الإمام المهدي عليه السلام تمثل امتداداً لحركة الإمام الحسين عليه السلام.
نحن في هذه الليالي، ليالي عاشوراء في الوقت الذي ندرس حركة الحسين عليه السلام نحاول أن نصل في كل ليلة إلى حركة الإمام المهدي عليه السلام ونكشف عناصر التمايز والاشتراك بين الثورتين.
مجتــمع المهــدي كيـف يكون؟
ظهور المهدي عليه السلام كيف يكون؟
النتائج كيف تكون؟
هذا بحث واسع قد يستغرق عشرات الليالي، لكننا نحاول أن نوجز هذا الحديث بنقاط مهمة.
في المقدمة نريد أن نقول في هذه الليلة، إن حركة الإمام المهدي عليه السلام ليست على خلاف القاعدة بل هي الامتداد الطبيعي للحركة الإصلاحية التي قادها الأنبياء، ومارسها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومارسها عليّ عليه السلام، ومارسها الحسين عليه السلام.
حركة الإمام المهدي عليه السلام هي امتداد لتلك الحركة الإصلاحية وفق القاعدة وليست استثناءاً, بل نحن الآن في زمن الغيبة نمثل حالة الاستثناء، زمن الظهور هو الذي يُمثل القاعدة، الآن نحن في حالة مَرضيَّة، وليس في حالة صحية يعني ماذا؟ هذه أفكار أنتم تقرؤونها وتسمعونها ولكن بمصطلحات أخرى. نحن الآن في زمن الغيبة وماذا يعني زمن الغيبة؟
زمن غيبة الإمام المنتظر المعصوم عليه السلام، هل هو زمان طبيعي وفق القاعدة التي رسمها الله تعالى أو هو استثناء للقاعدة؟
الجواب: هو حالة استثناء.
الحالة الصحيحة والصحيَّة هي أن كل أمّة لها إمام، ولكن إذا غاب إمامها فأن هذه حالة غير صحيّة، مثل مدرسة يغيب عنها المدير، ومثل صفٍّ يغيب عنه الأستاذ، هذه حالة صحية أو غير صحية؟ هذا وفق القاعدة أو استثناء؟ صفٌ بلا معلم؟ جامعة بلا مدير؟ نحن الآن في زمان أمّة بلا إمام ظاهر، وأمّة بلا إمام ظاهر يعني حالة استثناء، حالة مَرَضيَّة، ولهذا نحن نطمح أن نصل إلى الحالة الصحية، إلى حالة ظهور الإمام، ولهذا نعتبر زماننا زمان الغيبة هو زمان مَرَض.
ولهذا نقرأ في أدعية شهر رمضان: (اللهمّ إنا نشكو إليك فقد نبينا وغيبة وليِّنا)، إذن هذه مشكلة وبالحقيقة هذا مَرَض، هذا ألم، هذه حالة غير صحية، ولو كانت حالة صحية لماذا نشكوها إلى الله تعالى؟ (اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا وغيبة ولينا) نحن الآن في حالة الغيبة، الحالة الطبيعية هي حالة ظهور الإمام المعصوم وممارسته لدوره القيادي في الأمّة أمّا حيث يكون غائباً مثل جيش بلا قائد، أو جامعة بلا عميد، أو مدرسة بلا مدير، أو شعب بلا رئيس، وهذه حالة غير صحيحة، القاعدة الصحيحة أن يكون للأمّة إمام، إذن نحن نتجه الآن نحو الحالة الصحية وهي حالة ظهور الإمام المعصوم عليه السلام ولهذا تجدون الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هكذا تقول:
(كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم) روايات بطريق السنة والشيعة تتحدث عن الحالة العظيمة الصحية جداً عن المسلمين تقول:
سوف يأتيكم يوم ينزل عيسى بن مريم من السماء ولكن أنتم أيها المسلمون في قمة الحالة الصحيّة (وإمامكم منكم) الآن أنتم في غيبة الإمام لكن في زمن ظهور إمامنا المعصوم وحيث ينزل عيسى بن مريم كما تقول الروايات وكما سوف نبحثه ونقرؤه في ليالي أخر، ينزل عيسى ابن مريم من السماء ليصلي خلف إمامنا المهدي عليه السلام في بيت المقدس.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كيف بكم إذا نزل فيكم عيسى بن مريم وإمامكم منكم) هذه حالة صحية يتحدث عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويعطينا بشارة.
هذا معناه أن الإمام المهدي يمثل امتداداً للنُّبوات ويمثل الحالة الصحية للكيان البشري وللمجتمع الإنساني وإنه عليه السلام يمثل عميداً لهذه الجامعة، وامتداداً للأساتذة الذين كانوا قبله.