قال الإمام الصادق عليه السلام:

اذا قام القائم عليه السلام لاتبقى أرض الا نودي فيها بشهادة ان لا إله الا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

الأربعاء، 4 يناير 2012

المهدي عليه السلام ولد ابنة قيصر ملك الروم

قال أبو محمّد ابن شاذان عليه الرحمة والغفران: حدّثنا محمّد بن عبد الجبار رضي الله عنه قال: قلت لسيدي الحسن بن عليّ عليهما السلام ، يا ابن رسول الله جعلني الله فداك، أحب أن أعلم مَنْ الإمام، وحجة الله على عباده مِنْ بعدك؟
قال عليه السلام: إنَّ الإمام، والحجَّة بعدي ابني سميّ رسول الله، وكنيّه صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو خاتم حجج الله وآخر خلفائه.
فقلت: مِمَّنْ (يتولد) هو يا ابن رسول الله؟
قال: مِنْ ابنة ابن قيصر ملك الروم، ألا إنه سيولد فيغيب عن الناس غيبة طويلة، ثمّ يظهر، ويقتل الدجال فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، فلا يحل لأحد أن يسمّيه أو يكنيّه باسمه وكنيته قبل خروجه صلوات الله عليه.
يقول المترجم: إنّي أتعجب من كلام صاحب كتاب كشف الغمة للشيخ الفاضل العادل عليّ بن عيسى الأربلي عليه الرحمة حيث يقول: من العجيب أنَّ الشيخ الطبرسي، والشيخ المفيد رحمهما الله قالا: أنَّه لا يجوز ذكر اسمه ولا كنيته، ثمّ يقولان: اسمه اسم النبي، وكنيته كنيته عليهما الصلاة والسلام، وهما يظنان أنهما لم يذكرا اسمه ولا كنيته، وهذا عجيب، انتهى.
ومن العجيب جداً أن هذا الرجل العالم مع كمال وسع معرفته فإنه قد غفل أنَّ الإشارة إلى الاسم والكنية شيء، والتلفظ بالاسم والكنية شيء آخر.
والحال أن عدَّة من الأحاديث من تلك الأحاديث المشتملة على النهي عن التسمية والتكنية مثل الحديث السادس والعشرين من أحاديث هذه الأربعين، قد ذكر فيها أن خاتم الأوصياء يشترك مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالاسم والكنية مثل الحديث المذكور.
والسلام على من اتبع الهدى.
وليعلم أنه وبسبب طولانية حديث والدة صاحب الأمر عليه السلام الماجدة فإننا نقتصر في هذا المقام على ترجمته رعايةً للاختصار.
روى الفضل بن شاذان وابن بابويه والشيخ الطوسي والشيخ الطبرسي والشيخ الطرابلسي وغيرهم كثيراً جداً من علماء الإمامية رضي الله عنهم جميعاً في كتبهم بعباراتٍ مختلفة ومعاني متّفقة.
أما الشيخ الطوسي عليه الرحمة فقد نقل على النحو التالي بسنده عن بشر بن سليمان النخاس وهو من ولد أبي أيوب الأنصاري أحد موالي أبي الحسن، وأبي محمّد عليهما السلام وجارهما بسرّ من رأى:
أتاني كافور الخادم، فقال: مولانا أبو الحسن عليّ بن محمّد العسكري عليهما السلام يدعوك إليه؛ فأتيته، فلمّا جلست بين يديه قال لي:
يا بشر! إنَّك من ولد الأنصار، وهذه الموالاة لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف، وأنتم ثقاتنا أهل البيت، وإنّي مزكّيك ومشرِّفك بفضيلة تسبق بها الشيعة في الموالاة بسرّ اُطلعك عليه، واُنفذك في ابتياع أمة.
فكتب كتاباً لطيفاً بخطٍّ روميّ، ولغة روميّة، وطبع عليه خاتمه، وأخرج شقيقة صفراء فيها مائتان وعشرون ديناراً، فقال: خذها، وتوجَّه بها إلى بغداد، واحضر معبر الفرات ضحوةَ يوم كذا، فإذا وَصَلَتْ إلى جانبك زواريق السبايا، وترى الجواري فيها ستجد طوائف المبتاعين من وكلاء قوّاد بني العباس وشرذمة من فتيان العرب، فإذا رأيت ذلك فاشرف من البُعْد على المسمّى عمر بن يزيد النخّاس عامّة نهارك إلى أن تبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا، لابسة حريرين صفيقين تمتنعُ من العرض، ولمس المعترض، والانقياد لِمَنْ يحاول لمسها، وتسمع صرخة روميّة من وراء ستر رقيق، فاعلم أنها تقول واهتك ستراه.
فيقول بعض المبتاعين: عليَّ ثلاثمائة دينار، فقد زادني العفاف فيها رغبة.
فتقول له بالعربية: لو برزت في زيِّ سليمان بن داود، وعلى شبه ملكه ما بدت لي فيك رغبة، فأشفق على مالك.
فيقول النخّاس: فما الحيلة ولا بدّ من بيعك.
فتقول الجارية: وما العجلة ولا بدّ من اختيار مبتاع يسكن قلبي إليه، وإلى وفائه، وأمانته.
فعند ذلك قم إلى عمر بن يزيد النخّاس وقل له: إنّ معك كتاباً ملصقاً لبعض الأشراف كتبه بلغة رومية، وخط رومي ووصف فيه كرمه، ووفاءه، ونبله، وسخاءه، فناولها لتتأمل منه أخلاق صاحبه، فإن مالت إليه، ورضيته فأنا وكيله في ابتياعها منك.
قال بشر بن سليمان: فامتثلت جميع ما حدَّه لي مولاي أبو الحسن عليه السلام في أمر الجارية، فلمّا نَظَرتْ في الكتاب بَكَتْ بكاءاً شديداً، وقالت لعمر بن يزيد:
بِعْني من صاحب هذا الكتاب. وحَلَفَتْ بالمحرّجة، والمغلّظة إنه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها.
فما زلتُ أشاحه في ثمنها حتىّ استقّر الأمر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولاي عليه السلام من الدنانير، فاستوفاه (منّي) وتسلمتُ الجارية ضاحكةً مستبشرة، وانصرفتُ إلى الحجيرة التي كنت آوي إليها ببغداد، فما أخذها القرار حتى أخرجت كتاب مولانا عليه السلام من جيبها وهي تلثمه وتطبقه على جفنها وتضعه على خدّها وتمسحه على بدنها.
فقلت تعجباً منها: تلثمين كتاباً لا تعرفين صاحبه.
فقالت: أيها العاجز، الضعيف المعرفة بمحلّ أولاد الأنبياء، أعرني سمعك، وفرّغ لي قلبك، أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وأمّي من ولد الحواريين تنسب إلى وصي المسيح شمعون، أنبئك بالعجب:
إنَّ جدّي قيصر أراد أن يزوجني من ابن أخيه، وأنا من بنات ثلاثة عشرة سنّة، فجمع في قصره من نسل الحواريين من القسيسين والرهبان ثلاثمائة رجل، ومن ذوي الأخطار منهم سبعمائة رجل، وجمع من أمراء الأجناد، وقواد العسكر، ونقباء الجيوش، وملوك العشائر أربعة آلاف، وأبرز مِنْ بهي ملكه عرشاً مصنوعاً من أصناف الجوهر (إلى صحن القصر)، ورفعه فوق أربعين مرقاة، فلمّا صعد ابن أخيه، وأحدَقَتْ الصلب، وقامت الأساقفة عكّفاً، ونشرت أسفار الإنجيل، تسافلت الصلب من الأعلى فلصقت بالأرض وتقوّضت أعمدة العرش، فانهارت إلى القرار، وخّر الصاعد من العرش مغشياً عليه.
فتَغَيَّرَتْ ألوان الأساقفة، وارتعدت فرائصهم، فقال كبيرهم (لجدّي):
أيها الملك أعفنا من ملاقاة هذه النحوس، الدّالة على زوال دولة هذا الدين المسيحي، والمذهب الملكاني.
فتطيَّر جدّي من ذلك تطيُّراً شديداً، وقال للأساقفة:
أقيموا هذه الأعمدة، وارفعوا الصلبان، واحضروا أخا هذا المدبر العاثر، المنكوس جدّه لأزوجه هذه الصبية، فيدفع نحوسه عنكم بسعوده.
فلمّا فعلوا ذلك حدث على الثاني (مثل) ما حدث على الأوّل، وتفرق الناس.
وقام جدّي قيصر مغتماً فدخل منزل النساء، واُرْخِيَتْ الستور، وأرِيتُ في تلك الليلة كأنَّ المسيح وشمعون وعدّة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدّي ونصبوا فيه منبراً من نور يباري السماء علواً وارتفاعاً في الموضع الذي كان نصب جدّي فيه عرشه، ودخل عليهم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وختنه ووصيه عليه السلام وعدة من أبنائه عليهم السلام.
فتقدم المسيح إليه، فاعتنقه، فيقول له محمّد صلى الله عليه وآله وسلم: يا روح الله إني جئتك خاطباً من وصيّك شمعون فتاته مليكة لابني هذا، وأومأ بيده إلى أبي محمّد عليه السلام ابن صاحب هذا الكتاب.
فنظر المسيح إلى شمعون وقال (له): قد أتاك الشرف، فصل رحمك رحم آل محمّد عليهم السلام.
قال: قد فَعَلْتُ.
فصعد ذلك المنبر، فخطب محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ، وزوَّجني من ابنه، وشهد المسيح عليه السلام ، وشهد أبناء محمّد عليهم السلام، والحواريوّن.
فلما استيقظت أشْفَقْتُ أن أقصُّ هذه الرؤيا على أبي وجدّي مخافة القتل، فكنت أسُرُّها ولا أبديها لهم، وضرب صدري أبي محمّد عليه السلام حتّى امتنعت من الطعام والشراب، فَضَعُفَتْ نفسي، ودّق شخصي، ومَرِضْتُ مرضاً شديداً، فما بقي في مدائن الروم طبيب إلا أحضره جدّي، وسأله عن دوائي.
فلما برح به اليأس قال:
يا قرة عيني! وهل يخطر ببالك شهوة فازودكها في هذه الدنيا؟
فقلت: يا جدي! أرى أبواباً عليَّ مغلقة، فلو كشفت العذاب عمّن في سجنك من أسارى المسلمين، وفككتَ عنهم الأغلال، وتصدّقتَ عليهم، ومَنَّيْتَهُم الخلاص رجوتُ أن يهب (لي) المسيح وأمُّه عافية.
فلما فعل ذلك تجلدتُ في إظهار الصِّحة من بدني قليلاً، وتناولتُ يسيراً من الطعام، فسّر بذلك، وأقبل على إكرام الأسارى وإعزازهم.
فأريت (أيضاً) بعد أربع عشرة ليلة كأنّ سيدة نساء العالمين فاطمة عليها السلام قد زارتني، ومعها مريم ابنة عمران وألف من وصائف الجنان، فتقول لي مريم:
هذه سيدة نساء العالمين أمّ زوجك أبي محمّد عليه السلام ، فأتعلق بها، وأبكي، وأشكو إليها امتناع أبي محمّد عليه السلام من زيارتي.
فقالت سيّدة النساء عليها السلام: إن ابني أبا محمّد لا يزورك، وأنت مشركة بالله على مذهب النصارى، وهذه أختي مريم بنت عمران تبرأ إلى الله تعالى من دينك، فان مِلت إلى رضى الله ورضى المسيح ومريم عليهما السلام وزيارة أبي محمّد إياك فقولي: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأن أبي محمّداً رسول الله.
فلما تكلمت بهذه الكلمة ضَمَّتني إلى صدرها سيدة نساء العالمين عليها السلام ، وطيبت نفسي وقالت: الآن توقعي زيارة أبي محمّد، فإني منفذته إليك.
فانتبهت وأنا أنول،  أتوقع لقاء أبي محمّد عليه السلام.
فلما كان في الليلة القابلة رأيت أبا محمّد عليه السلام وكأنّي أقول له:
جفوتني يا حبيبي بعد أن أتلفت نفسي معالجة حبّك.
فقال: ما كان تأخري عنك إلا لشركك، فقد أسْلَمْتِ وأنا زائرك في كل ليلة إلى أن يجمع الله تعالى شملنا في العيان.
فما قطع عنيّ زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية.
قال بشر: فقلت لها: وكيف وقعت في الأسارى؟
فقالت: أخبرني أبو محمّد عليه السلام ليلة من الليالي أن جدَّك سيُّسير جيشاً إلى قتال المسلمين يوم كذا وكذا، ثمّ يتبعهم، فعليك باللحاق بهم متنكرةً في زيّ الخدم مع عدّة من الوصائف من طريق كذا.
ففعلتُ ذلك، فوقعت علينا طلائع المسلمين، حتى كان من أمري ما رأيْتَ، وشاهَدْتَ، وما شعر بأنّي ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية أحد سواك، وذلك باطلاعي إيّاك عليه، ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته وقلت: نرجس، فقال: اسم الجواري.
قلت: العجب انّك رومية، ولسانك عربي؟
قالت: نعم! من ولوع جدّي، وحمله إياي على تعلم الآداب أن أوعز إلى امرأة ترجمانة لي في الاختلاف إليّ، وكانت تقصدني صباحاً ومساءاً، وتفيدني العربية حتى استمرَّ لساني عليها واستقام.
قال بشر: فلما انكفأتُ بها إلى سُرَّ مَنْ رأى دخلتُ على مولاي أبي الحسن عليه السلام فقال: كيف أراكِ الله عزَّ الإسلام، وذلَّ النصرانية، وشرف محمّد وأهل بيته عليهم السلام ؟
قالت: كيف أصف لك يا ابن رسول الله ما أنت أعلم به منّي؟!
قال: فانّي أحببتُ أنْ أكرمك؛ فما أحبُّ إليك، عشرة آلاف دينار، أم بشرى لك بشرف الأبد؟
قالت: بشرى بولد لي.
قال لها: أبشري بولد يملك الدنيا شرقاً وغرباً، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
قلت: مِمَّنْ؟
قال: مِمَّنْ خطبك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له ليلة كذا، في شهر كذا، مِنْ سنة كذا بالرومية.
قالت: مِنْ المسيح ووصيّه؟
قال لها: مِمَّنْ زوجك المسيح عليه السلام ووصيه؟
قالت: من ابنك أبي محمّد عليه السلام.
فقال: هل تعرفينه؟
قالت: وهل خلت ليلة لم يرني فيها منذ الليلة التي أسلمتُ على يد سيدة النساء صلوات الله عليها.
قال: فقال مولانا: يا كافور ادع أختي حكيمة.
فلمّا دَخَلَتْ قال لها: ها هيه. فاعتنقتها طويلاً، وسرَّت بها كثيراً.
فقال لها أبو الحسن عليه السلام: يا بنت رسول الله! خذيها إلى منزلك، وعلّميها الفرائض والسنن؛ فإنها زوجة أبي محمّد، وأمُّ القائم عليه السلام.
والسلام على من اتبع الهدى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق